السؤال:
نحن شباب في المرحلة الجامعية ننتمي إلى مؤسسة دعوية، وكان من ضمن أهدافنا في الوقت الحالي الاستزادة في القضايا التربوية والدعوية بتعمق، وذلك لكي نشق طريقنا للدعوة على أسس راسخة وقوية، فنحن نريد وسائل عملية مناسبة لهذه المرحلة لتحقيق هذا الهدف، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وبعد: الدعوة إلى الله هي أشرف الأعمال، فقد خص بها الله تعالى رسله وأنبياءه، وهي أبرز مهام العباد الصالحين، وقد شاء الله لدعوة الإسلام أن تنتشر في ربوع الأرض وأن يكثر عدد المنتسبين إليها بصورة فائقة كبيرة، ودخلت الدعوة قطاعات مختلفة، وشارك فيها فئات من الناس مختلفون، وقد قامت صحوة مباركة لتلك الدعوة في السنين الأخيرة أعادت كثيرًا من الناس إلى دينهم وأيقظت فيهم الإيمان والانتماء، إلا أن هناك عدة عقبات لا تزال الدعوة تشكو منها ومن أهمها قلة عدد المربين المؤهلين للعمل الدعوى التربوي، ما يجعل أعدادا كثيرة من الطيبين يتربون خارج المحاضن التربوية الملائمة فينعكس ذلك على سلوكهم وبنائهم الفكري والعلمي والتربوي، كذلك تشكو الدعوة من نقص البرامج التفاعلية الموجهة التي تعد هؤلاء المربين الأكفاء، إضافة إلى تأخر سن العطاء الذي يستطيع فيه الداعية المربى أن يعطي وأن يقدم لغيره. وفي ظل الجهود المحاربة للإسلام والمعادية لدعوته التي طالت كل شيء يحيط بالمسلم في حياته، ومع مغريات الحياة ومشاغلها كان لابد للقائمين على العمل الإسلامي من أن ينهضوا نهضة قوية جدا، لترسيخ قواعد الدعوة إلى الله تعالى وتخريج أجيال متتابعة ومتكاثرة لتصد تلك الهجمة الشرسة على الدعوة المباركة، وأنا هنا أوصي القارئ الكريم بعدة محاور أرى أهميتها الشديدة لكل ساع في ذاك السبيل، أوردها له بإيجاز على وعد قريب بالتفصيل فيها- إن شاء الله، وهي:
أولًا: هدف التربية الإيمانية هو تزكية القلب وتطهيره، والوظيفة الأولى للدعاة إلى الله هي إصلاح القلوب عن طريق توحيدها ربها سبحانه وعبوديتها له تمام العبودية ومن ثم إعانة الناس على إصلاح قلوبهم، فالقلب السليم إذن هو نصب عين الداعية إلى الله، وهو ذاك القلب الذي سلم من كل أنواع الشرك ظاهره وباطنه، وسلم من الوقوع في أمراض الشهوات، وهو القلب الذي يتلقى أوامر الله سبحانه بمنتهى التسليم والرضا، فهو يقطر إخلاصًا وتوحيدًا، فالإخلاص يملأ جنباته والتوحيد يغلفه جميعًا ويستقر في سويدائه، فينبض عبودية تامة.
ثانيًا: تتمثل أهم الأسس التي على الداعية أن يربي عليها نفسه في ثلاث أسس محورية لا يمكن الاستغناء عنها بحال، وهي:
1- العقيدة الصحيحة: فيجب ابتداء أن يتعلم كل داعية إلى الله عقيدته الصحيحة الثابتة، عقيدة أهل السنة والجماعة والسلف الصالحين وأن يتشربها قلبه وأن تتحرك بها جوارحه وأن تكون عقيدته هي منطلقه ومساره ومداره ومحور دعوته.
2- العلم الشرعي: فلا يصح لداعية أن يتصدى لدعوة الناس وتربيتهم إلا بعد أن يتعلم العلم الشرعي اللازم ويرسخ نفسه في أسسه وأصوله فيكون على علم بما يقول وعلى علم بما يوجه الناس إليه قال الله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن}.
3- العبادة بالإخلاص والإتباع: فلابد لكل داعية إلى الله أن يربي نفسه على أداء الفرائض حق الأداء وتحقيق النوافل، وتوطيد علاقته بربه سبحانه بسجوده في جوف الليل الآخر وقيامه بآيات القرآن الكريم، ولهج لسانه بذكر الله سبحانه في كل وقت وحين.
ثالثًا: عدة الداعية إلى الله تعالى أمران:
الأول (هو الصبر) على دعوته مهما لاقى من آلام ومعوقات.
والثاني (هو يقينه) بصدق هذه الدعوة ونورانيتها وثقته بنصر الله سبحانه لعباده الصالحين، قال الله تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}.
رابعًا: مراعاة اختيار العلماء الأثبات والدعاة النابهين وصحبتهم وتعلم سبيلهم والتفقه على أيديهم في شئون الدعوة والتربية والتحرك بهذا الدين، فمن الخطأ الكبير أن يسلك الشاب بتصوره الفردي في عمله الدعوى أو أن يعتمد في توجيهه على مبتدئين قليلي الخبرة ضعيفي العلم، فإنه إن فعل ذلك فقد الطريق الأمثل وضل السبيل الأهدى.
خامسًا: خلق الداعي هو عطره وسمعته، والدعاة سيئي الخلق قد كتبوا قصة فشلهم بأيديهم وتسببوا بأنفسهم في نفرة الناس عنهم، فحسن خلقك أيها الشاب الراغب في ذلك واسأل الكبار عن نواقصك واطلب منهم النصح الخالص وانتصح بقولهم.
سادسًا: على الشاب المؤمن الراغب في سلوك سبيل الدعاة إلى الله والمربين أن يطبق أهم الوسائل التي تربي قلبه وتهذب نفسه وتحسن خلقه وأهمها التوبة النصوح من الذنب السابق والتعلق بالآخرة بكثرة ذكر الموت والزهد في الدنيا زهد الصالحين والبكاء من خشية الله ودعاؤه سبحانه أن يقبله من عباده المتقين.
الكاتب: خالد رُوشه.
المصدر: موقع المسلم.